فصل: الصرف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وزاد غيره: فكانوا يتلقون الركبان فيخبرهم الركبان بأنهم قد رأوا انشقاق القمر، فيكذبونهم. قال مقاتل: انشق القمر، ثم التأم بعد ذلك، وروى مسروق عن عبد اللَّه بن مسعود قال: «انشق القمر على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالت قريش: سحركم ابن أبي كبشة، فسألوا السفار فقالوا: نعم قد رأيناه، فأنزل اللَّه تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}» وهكذا يتضافر الحديث الصحيح مع القرآن الكريم على إثبات هذه المعجزة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا من أقوى الأدلة على نبوته.

.[سورة القمر: الآيات 6- 8]:

{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ (6) خُشَّعًا أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقول الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)}.

.الإعراب:

(الفاء) لربط السبب بالمسبّب عاطفة {عنهم} متعلّق بـ {تولّ}، {يوم} ظرف منصوب متعلّق بـ {يخرجون}، {يدع} مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الواو المحذوفة لمناسبة قراءة الوصل {الداع} فاعل مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء المحذوفة للتخفيف {إلى شيء} متعلّق بـ {يدعو}.
جملة: {تولّ عنهم} لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي تنبّه إلى هذا فتولّ وجملة: {يدعو الداعي} في محلّ جرّ مضاف إليه.
7- {خشّعا} حال منصوبة من فاعل يخرجون {أبصارهم} فاعل الصفة المشبّهة {خشّعا}، {من الأجداث} متعلّق بـ {يخرجون}.
وجملة: {يخرجون} لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: {كأنّهم جراد} في محلّ نصب حال من فاعل يخرجون.
8- {مهطعين} حال من فاعل يخرجون {إلى الداع} متعلّق بـ {مهطعين}، وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الياء المحذوفة للتخفيف {عسر} نعت للخبر {يوم} مرفوع وجملة: {يقول الكافرون} لا محل لها استئناف بيانيّ وجملة: {هذا يوم} في محلّ نصب مقول القول.

.الصرف:

{يدع} رسم في المصحف بغير واو اتّباعا لقراءة الوصل بسبب التقاء الساكنين {الداع}: رسم في المصحف بغير ياء للتخفيف {نكر}: صفة مشبّهة بمعنى المنكر أو الأمر الشديد، وزنه فعل بضمتين.
(7) {منتشر}: اسم فاعل من الخماسيّ انتشر، وزنه مفتعل بضمّ الميم وكسر العين.
{خشّعا}: جمع خاشع، اسم فاعل من الثلاثي خشع وزنه فاعل والجمع فعّل بضم التاء وفتح العين المشددة.
(8) {عسر}: صفة مشبهة من الثلاثي عسر باب فرح وباب كرم، وزنه فعل بفتح فكسر.

.البلاغة:

1- الكناية: في قوله تعالى: {خُشَّعًا أَبْصارُهُم}.
فخشوع الأبصار كناية عن الذلة والانخذال لأن ذلة الذليل، وعزة العزيز، تظهران في عيونهما.
2- التشبيه المرسل المفصل: في قوله تعالى: {يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ}. حيث شبههم بالجراد المنتشر، في الكثرة والتموج والانتشار في الأقطار، وقد جاء تشبيههم بالجراد منتشر، في الكثرة والتموج والانتشار في الأقطار، وقد جاء تشبيههم بالفراش المبثوث. وقد قيل: يكونون أولا كالفراش حين يموجون فزعين، لا يهتدون أين يتوجهون، لأن الفراش لا جهة لها تقصدها، ثم كالجراد المنتشر إذا توجهوا إلى المحشر، فهما تشبيهان باعتبار وقتين.

.الفوائد:

- ما افترق فيه الحال والتمييز وما اجتمعا فيه:
1- يجتمع الحال والتمييز في خمسة أمور، هي: كونهما اسمان، نكرتان، فضلتان، منصوبتان، دافعتان للإبهام.
2- يفترقان في سبعة أمور هي:
1- يكون الحال جملة (كجاء زيد يضحك)، وظرفا نحو (رأيت الهلال بين السحاب)، وجارا ومجرورا نحو (أعجبني السمك في الماء). والتمييز لا يكون إلا اسما.
2- الحال قد يتوقف معنى الكلام عليها، كقوله تعالى: {وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى} بخلاف التمييز.
3- الحال مبنية للهيئات، والتمييز مبين للذوات.
4- الحال تتعدد، بخلاف التمييز.
5- الحال تتقدم على عاملها، إذا كان فعلا متصرفا، أو وصفا يشبهه، كقوله تعالى: {خُشَّعًا أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ}. ولا يجوز ذلك في التمييز، أما ما ورد في الشعر (أنفسا تطيب) فضرورة.
6- حق الحال الاشتقاق، وحق التمييز الجمود. وقد يتعاكسان، فيأتي الحال جامدا (هذا مالك ذهبا)، ويأتي التمييز مشتقا (للّه درّه فارسا).
7- الحال تكون مؤكدة لعاملها، نحو قوله تعالى: {وَلَّى مُدْبِرًا} {فَتَبَسَّمَ ضاحِكًا} {وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}. ولا يقع التمييز كذلك.

.[سورة القمر: الآيات 9- 17]:

{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (14) وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (16) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)}.

.الإعراب:

{قبلهم} ظرف زمان منصوب متعلّق بـ {كذّبت}، وضمير الغائب يعود على قريش (الفاء) عاطفة تفصيليّة {مجنون} خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو، ونائب الفاعل للمجهول {ازدجر} ضمير يعود على نوح.
جملة: {كذّبت قبلهم قوم} لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: {كذّبوا} لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة وجملة: {قالوا} لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة وجملة: (هو) {مجنون} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {ازدجر} لا محلّ لها معطوفة على جملة قالوا 10- 11- (الفاء) عاطفة والثانية للربط والثالثة عاطفة {بماء} متعلّق بحال من أبواب السماء، و(الباء) للتعدية أي سائلة بماء...
وجملة: {دعا} لا محلّ لها معطوفة على جملة كذّبوا...
والمصدر المؤوّل {أني مغلوب} في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف هو الباء متعلّق بـ (دعا) وجملة: {انتصر} لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي تكرّم فانتصر وجملة: {فتحنا} لا محلّ لها معطوفة على جملة دعا.
12- (الواو) عاطفة {عيونا} تمييز محوّل عن مفعول به (الفاء) عاطفة {على أمر} متعلّق بـ (التقى)، ونائب الفاعل ضمير يعود على أمر وجملة: {فجّرنا} لا محلّ لها معطوفة على جملة فتحنا وجملة: {التقى الماء} لا محلّ لها معطوفة على جملة فجّرنا وجملة: {قد قدر} في محلّ جرّ نعت لأمر.
13- (الواو) عاطفة في الموضعين {على ذات} متعلّق بـ {حملناه} بحذف المنعوت أي: سفينة ذات ألواح وجملة: {حملن اهـ} لا محلّ لها معطوفة على جملة التقى الماء 14- {بأعيننا} حال بمعنى محفوظة {جزاء} مفعول لأجله والعامل محذوف، {لمن} متعلّق بـ {جزاء}، ونائب الفاعل للمجهول {كفر} ضمير مستتر يعود على نوح بوساطة الموصول {من} وجملة: {تجري} في محلّ جرّ نعت لذات ألواح وجملة: {كان كفر} لا محلّ لها صلة الموصول (من) وجملة: {كفر} في محلّ نصب خبر كان.
15- (الواو) استئنافيّة {لقد تركناها} مثل لقد جاءهم، {آية} حال من ضمير الغائب في {تركناها} (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (هل) حرف استفهام {مدّكر} مجرور لفظا مرفوع محلّا مبتدأ، خبره محذوف تقديره موجود وجملة: {تركناها} لا محلّ لها جواب القسم المقدّر... وجملة القسم المقدّرة لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: {هل من مدّكر} لا محلّ لها جواب شرط مقدّر أي إذا كانت قصّة السفينة آية فهل من مدّكر منكم.
16- (الفاء) استئنافيّة (كيف) اسم استفهام في محلّ نصب خبر كان الآتي {نذر} معطوف على عذابي بالواو مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدّرة على ما قبل ياء المتكلّم المحذوفة لمناسبة الفاصلة وجملة: {كان عذابي} لا محلّ لها استئنافيّة 17- (الواو) استئنافيّة {لقد يسّرنا} مثل لقد جاءهم، {للذكر} متعلّق بـ {يسرنا}، {فهل من مدّكر} مثل الأولى.
وجملة: {يسرّنا} لا محلّ لها جواب القسم المقدّر. وجملة القسم المقدّرة استئنافيّة وجملة: {هل من مدّكر} جواب شرط مقدّر أي: إذا كان القرآن ميسّرا فهل من مدّكر. والاستفهام فيه معنى الأمر أي فاحفظوه واتّعظوا به.

.الصرف:

(9) {ازدجر}: فيه إبدال التاء التي هي تاء الافتعال إلى دال لمجيئها بعد الزاي، أصله ازتجر.. وهذا الإبدال يتمّ في كلّ اشتقاقات الكلمة كما هو المصدر الميميّ- أو اسم المكان- الوارد في الآية (4) من هذه السورة: {مزدجر} وزنه مفتعل بضمّ وفتح العين. ووزن ازدجر افتعل.
(10) {مغلوب}: اسم مفعول من الثلاثيّ غلب، وزنه مفعول.
(11) {منهمر}: اسم فاعل من الخماسيّ انهمر، وزنه مفتعل بضمّ الميم وكسر العين.
(13) {دسر}: جمع دسار ككتاب أو دسر كسقف، وهو الرباط الحديديّ أو الليفيّ الذي يربط أجزاء السفينة إلى بعضها. ووزن {دسر} فعل بضمّتين.
(15) {مدّكر}: اسم فاعل من الخماسيّ ادّكر.. انظر الآية (45) من سورة يوسف.
(16) {نذر}: مصدر سماعيّ للرباعي أنذر وزنه فعل بضمتين.. واللفظ يأتي أيضا جمعا لنذير.

.البلاغة:

الاستعارة التمثيلية: في قوله تعالى: {فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ}.
فقد شبه تدفق المطر من السحاب، بانصباب أنهار، انفتحت بها أبواب السماء وانشق أديم الخضراء.
إنابة الصفات مناب الموصوفات: في قوله تعالى: {وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ}.
كناية عن موصوف وهو السفينة، وهي من الصفات التي تقوم مقام الموصوفات على سبيل الكناية، كقولهم: حي مستوي القامة عريض الأظفار، في الكناية عن الإنسان، وهو من فصيح الكلام وبديعه، ونظير الآية قول الشاعر:
فعرشي صهوة الحصان ولكن ** (قميصي) مسرودة من حديد

فإنه أراد بـ قميصي درعي.
معنى الاستفهام: في قوله تعالى: {فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ}.
استفهام تعظيم وتعجيب، أي كانا على كيفية هائلة، لا يحيط بها الوصف. والمعنى حمل المخاطبين على الإقرار بوقوع عذابه تعالى للمكذبين.